مقالات عامة|

للجمعيات العلمية دور رئيس في ترقية فروع المعرفة العلمية. إذ تمثل منصةً لاستقطاب المختصين في التخصص الذي تُعنى به، فتنضج الأفكار العلمية بالمُدارسة المشتركة والتمحيص العلمي، وتظهر للنور، وتتطور تباعاً؛ في عملية مستمرة من انتاج المعرفة العلمية وتطبيقاتها. وقد حظي هذا الأمر بالاهتمام المبكر في المملكة العربية السعودية من لدن القيادة الرشيدة حفظها الله. فتأسست جمعيات علمية في الجامعات السعودية للعديد من التخصصات، ناهز عمر بعضها الآن الأربعين عاماً وأكثر، قدمت، ولازالت تقدم، الكثير لوطنها ومجتمعاتها العلمية حول العالم. وعلم النفس ليس استثناءً من هذه التخصصات.

يختص علم النفس ضمن فروع المعرفة العلمية المختلفة، بموضوعه المتمثل في دراسة السلوك الإنساني بمظاهره الانفعالية والذهنية والسلوكية. وتتنوع فروعه بتنوع مظاهر السلوك الإنساني من جهة، وغرض الدراسة العلمية من جهةً أخرى. فمن الفروع الأساسية التي تُعنى إبتداءً بإنتاج المعرفة العلمية، علم النفس العام وعلم النفس المقارن، وعلم النفس الاجتماعي والشخصية، وعلم النفس التربوي وعلم النفس التجريبي مثلاً لا حصراً. آما الفروع التطبيقية فتُعنى بترجمة هذه المعارف العلمية الأساسية إلى تطبيقات عملية، ومنها مثلاً: علم النفس العيادي وعلم النفس المدرسي وعلم النفس الحيوي. ولإيضاح اتساع فروع ومجالات علم النفس، يكفي النظر لفروعه الرسمية كما تقررها الجمعيات العلمية المعتبرة حول العالم. إذ تتضمن رابطة علم النفس الأمريكية 54 فرعاً مستقلاً تمثل فروعاً ومياديناً مختلفة لعلم النفس [1]http://www.apa.org/about/division. وكذا لدى جمعية علم النفس البريطانية [2] http://www.bps.org.uk/networks-communities/member-networks/divisions/divisions، وجمعية علم النفس الأسترالية [3]http://groups.psychology.org.au/colleges ، ورابطة علم النفس الكندية [4]http://www.cpa.ca/aboutcpa/cpasections.

ولأن كان علم النفس، كتخصص أكاديمي، قد حظي بالاهتمام مبكراً في المملكة، كما تمثل هذا في تأسيس أول قسم أكاديمي مستقل له في جامعة الملك سعود عام 1392؛ إلا أنه كان هناك دائماً حاجة لأن يُرفد هذا النشاط الأكاديمي بجمعية علمية متخصصة في علم النفس. وإدراكاً للأهمية التي يتبوأها علم النفس بفروعه المختلفة، بما هو الأداة العلمية الوحيدة لفهم سلوك الإنسان في شتى مواضعه وظروفه وسياقاته، ووصف هذا السلوك وتفسيره والتعاطي معه بفاعلية، وجوهرية هذا الفهم لأهم متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة: الإنسان؛ سعى المختصون السعوديين في علم النفس منذ وقت مبكر إلى تأسيس جمعية علمية مستقلة بهذا التخصص.  حرصاً منهم على ما فيه صالح وطنهم المعطاء، وإدراكاً لضرورة تكامل الجهود والتعاون فيما بين المختصين، بما يُفضي إلى تعزيز الإفادة من معارف وتطبيقات علم النفس في تحقيقات المستهدفات الوطنية، وتعزيز مكانة علم النفس في المملكة العربية السعودية. وقد كُللت هذه الجهود المباركة بالنجاح في عام 1441 ه. 

تأسست الجمعية السعودية لعلم النفس (نفس) بموجب قرار مجلس جامعة الملك سعود رقم (41/8/5)، في جلسته الثامنة للعام الجامعي 1441، بتاريخ1441/8/28  ه، لتمثل جمعية سعودية علمية  لعلم النفس بكافة فروعه الأساسية والتطبيقية، ولكافة مختصيه على اختلاف تخصصاتهم ومستوياتهم الأكاديمية والمهنية على امتداد أرض هذا الوطن الكريم وخارجه. لتشكل إضافة إلى بقية الجمعيات العلمية السعودية في الجامعات السعودية. تلى ذلك تشكيل اللجنة التأسيسية للجمعية بتاريخ 1441/10/17، والتي أقامت البنية الأساسية اللازمة للبدء في استقبال طلبات عضوية الجمعية. وفي العاشر من شعبان 1442، تشكل أول مجلس إدارة منتخب للجمعية. 

وشرع هذا المجلس حال تشكيله، بوضع الأُطر التنظيمية الإدارية للجمعية وإقامة هياكلها التنفيذية، بكل مثابرة وتأنّي وتفاني. بما يوفر الشروط الضرورية لإيجاد بنية عمل مؤسسي مستدام للجمعية، وتوفير حوكمةً فعالة لعملها، واساساً تنظيمياً لمسارات العمل والإنجاز داخلها، خلال هذه الدورة الانتخابية والدورات اللاحقة بإذن الله.

أخيراً، فالآمال المعقودة على هذه الجمعية كثيرة، والتطلعات نحوها واعدة؛ إلا أن كل هذه الآمال والتطلعات تبقى محض أمنيات حالمة، مالم تحظ هذه الجمعية الوليدة بتعاون وعطاء كافة المختصين في علم النفس، تعاوناً وعطاءً مكللين بإيمان عميق بدور علم النفس في المجتمع وانتفاء كاف للذات.

 والله نسأل أن يُبارك كل الجهود، ويحيطها بتوفيقه وتيسيره. 

مراجع[+]

Comments are closed.

Close Search Window
Share via
Copy link
Powered by Social Snap